» » صحيفة أمريكية: أوباما يفضل "سوريا الأسد" على "سوريا الجهاديين"


الأنباء التي تقول أن الإدارة الأمريكية تدعم الجهود الروسية للبدء في مفاوضات بين حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وقوات المعارضة، تعد بمثابة التذكير المذهل لما آلت إليه السياسة الأمريكية حيال سوريا.. بتلك الكلمات استهلت صحيفة (وول ستريت جورنال) تقريرها تحت عنوان (لماذا يفضل أوباما بقاء الأسد عن وجود داعش في سوريا).
مثلما حدث مع المقترح الروسي للأسلحة الكيميائية في سوريا عام 2012، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينقذ مرة أخرى السياسية الخارجية الأمريكية حيال سوريا من نفسها، ومن غير المرجح أن تنجح محادثات موسكو المقررة غير أن الإعلان عنها فقط يظهر تنامي الرؤية الأمريكية بأن الأسد ربما يكون جزءًا من حل الأزمة السورية، على الرغم من أنه الجزء الأكبر من الأزمة نفسها، وستستغني واشنطن بنفسها عن العبارة المجازية للرئيس باراك أوباما التي تقول "الأسد لابد أن يرحل"، ومن الواضح أيضا أن الإدارة تتحرك نحو القبول بالأمر الواقع وبقاء الأسد في سدة السلطة.

ويقول ريان كروكر، وهو سفير سابق لواشنطن لدى سوريا والعراق وأفغانستان "إن التخلص من الأسد من الممكن أن يوقع سوريا في براثن تنظيم القاعدة، والرأي الذي يقول أن هناك بعض العلويين يطمحون للإطاحة بالأسد والسعي للسلام مع المعارضة السنية هو بعيد كل البعد عن الواقع".

ويتابع كروكر "وإذا كان ولابد أن يرحل الأسد عن المشهد وأن ينهار نظامه، فإن ذلك سيكون مفيدا للغاية لتنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات الإسلامية الأخرى، فذلك سيمنح الدولة الإسلامية الفرصة للسيطرة على العاصمة دمشق ما يزيد من معدلات تجنيد الأفراد لديه وتزايد قوته، الأمر الذي سينجم عنه أيضا نزوح العلويين والأقليات الأخرى ما يزيد الضغوط على الدول المجاورة مثل لبنان والأردن، التي تعاني فعليا من اللاجئين السوريين".

يبدو أيضا وأن إدارة أوباما لا ترحب بذلك، فالرئيس تجنب طويلا عسكرة الدور الأمريكي في سوريا، وعلى الرغم من ذلك، فقد اختار أن يفعل ذلك العام الماضي ولكن ليس ردا على مجازر الأسد وفظائعه بل ردا على الجرائم التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، وبالفعل، فقد رأت الإدارة أن الدولة الإسلامية يمثل تهديدا إرهابيا وشيكا، على الأرجح قد يهدد المصالح الأمريكية بشكل أكبر من نظام الأسد.

ويبدو أن واشنطن تبحث عن استراتيجية لمكافحة الإرهاب، وليس توجها الهدف منه الإطاحة بنظام الأسد وإعادة بناء سوريا، وعلى الرغم من أن حلفاء أمريكا الإقليميين مثل السعودية وتركيا يريدونها أن تهاجم نظام الأسد، فإن أوباما يدرك جيدا أن إضعاف الأسد ناهيك عن الإطاحة به دون إيجاد بديل له قد يجعل الوضع السيء فعليا أكثر سوءا.

لقد وجه النقاد اللوم إلى أوباما لاختفائه عن المشهد فيما يتعلق بسوريا، لكن الواقع شديد التعقيد، فسوريا أصبحت مختلفة عن جميع دول الربيع العربي تونس واليمين ومصر وحتى ليبيا، فتلك الدول تمت الإطاحة بأنظمتها الديكتاتورية سريعا، غير أن النظام السوري ظهر أكثر تماسكا فيما بدت المعارضة السورية أكثر تفككا وانقساما وضعفا، أما المجتمع الدولي فبدى أقل سعيا وراء تشكيل تحالف (مثل ما فعله الناتو للإطاحة بمعمر القذافي في ليبيا).

وبعد حربي العراق وأفغانستان، فليس لدى إدارة أوباما الرغبة في إدخال نفسها في تجارب أخرى لبناء دول تتكبد فيها الكثير والكثير من الأموال، ويقول البعض أنه في حال اتبع أوباما نصيحة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة والمدير الأسبق لوكالة الاستخبارات الأمريكية ليون بانيتا بمساعدة المتمردين السوريين، فإن ذلك كان سيغير بشكل ملحوظ موازين ساحة القتال، لكن ذلك كان سيتطلب تدخلا عسكريا مباشرا، الشيء الذي لم يكن الكثيرون على استعداد له.

الشيء الجدير بالذكر أيضا هو ترحيب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالمقترحات المقدمة من المبعوث الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا، والتي تدعو لوقف إطلاق النار بداية من مدينة حلب، فيما يُعد الإعلان عن التوصل لهدنة بين الحكومة السورية والمتمردين في حي الوعر بمدينة حمص، تعزيزا وتقوية أخرى للنظام السوري، وقد يكون الأسد سفاحا عتيدا، لكن من الواضح أن إدارة أوباما عليها القبول بوجوده حتى الآن كبديل عن الجهاديين الذين يريدون الإطاحة به.

»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث